عندما يتحدث الناس عن الزجاج فإنهم، عادة، يعنون تلك المادة الشفافة اللامعة التي تتكسر بسهولة. وربما يُظنّ أن الزجاج الذي يستعمل في النوافذ أو الذي يستعمل في عدسات النظارات هما من مادة واحدة. والواقع أن الأمر ليس كذلك. فهناك أنواع كثيرة من الزجاج، بل إن هناك شركة أمريكية واحدة هي شركة كورننج لأعمال الزجاج استطاعت وحدها أن تصنع أكثر من 100,000 نوع من الزجاج. وتتناول هذه المقالة بالبحث أنواعًا مهمة عديدة من الزجاج، كما تتناول استعمالاتها المختلفة.
الزجاج المسطح. يُستعمل بشكل رئيسي في النوافذ، كما يستعمل في المرايا وفي الفواصل بين الحجرات وبعض أنواع الأثاث. ويصنع الزجاج المسطح في شكل رقائق. غير أن بعضها ـ مثل النوع الذي يستعمل في نوافذ السيارات ـ يعاد تسخينه ويوضع في قالب مقوّس لكي يخرج بالشكل الذي يناسب السيارة التي سيركّب عليها.
ويمكن تصنيف الزجاج المسطح إلى الرقائق والألواح الزجاجية والزجاج الطافي. ويستعمل زجاج الرقائق في نوافذ البيوت. أما الألواح الزجاجية والزجاج الطافي فإن لهما سطحًا بالغ النقاء والصفاء والنعومة. وتستعمل هذه الأنواع عندما تدعو الحاجة إلى رؤية نقية ومضبوطة إلى حد بعيد مثل زجاج السيارات وزجاج المعارض في الأسواق.
الأواني الزجاجية. تستعمل الآنية الزجاجية لتعبئة الأطعمة والمرطبات والأدوية والكيميائيات ومواد التجميل. وتصنع أنواع شتى من الجرار الزجاجية والقوارير سواء في شكلها، أو حجمها، أو لونها. وكثير من هذه الأنواع يستعمل في الأشياء العادية، مثل زجاجات المشروبات الخفيفة أو الجرار التي تستعمل في المنازل لحفظ بعض الأطعمة. وهناك أنواع أخرى تصنع من تركيبات زجاجية خاصة للتأكد من أنه لن يكون هناك أي تلوث أو تدهور في بلازما الدم أو الأمصال أو الكيميائيات المخزونة فيها. انظر:الزجاجة .
السيراميك الزجاجي يستخدم في وسائل التحكم في تلوث السيارات (أعلاه) وهو يحول غازات العادم السامة إلى مواد غير ضارة. ونتيجة للاستعمال، يتحول لون جهاز القياس من اللون البني إلى الأسود.
الخزف الزجاجي. ويسمى أيضًا السيراميك الزجاجي. وهذه مواد قوية تصنع عن طريق تسخين الزجاج بحيث يعاد تنظيم ذراته لتصبح أنماطًا منتظمة تُسمُّى بلورات. وهذه المواد المتبلورة تحمل درجات الحرارة العالية والتأثيرات الكيميائية والتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة. وتستخدم هذه الأنواع في عدد كبير من المنتجات بما في ذلك أواني الطبخ المقاومة للحرارة. وفي المحركات التوربينية، والمعدات الكيميائية والإلكترونية وفي أعلى القمم المخروطية للصواريخ الموجهة.
أنواع خاصة من الزجاج. وهذه تشمل أنواعًا كثيرة من الزجاج الذي اخترع منذ سنة 1900م. وحتى هذا الوقت، كان كل الزجاج المستعمل تقريبًا هو الزجاج المسطح، والأواني الزجاجية، وزجاج البصريات، وزجاج الزخارف. وفيما يلي ستجد وصفًا لواحد وعشرين نوعًا من أنواع الزجاج الذي ينفرد كل منها بخاصية معينة.
زجاج الأمان المصفَّح. شطائر تصنع عن طريق إلصاق شرائح من مادة بلاستيكية بأخرى من زجاج مسطح، الواحدة بعد الأخرى بالتبادل لتكوين هذا الزجاج. وقد تنكسر طبقة الزجاج الخارجية إذا ارتطم بها جسم طائر، ولكن الطبقة البلاستيكية المطاطية الملصقة بها تتمّدد وتمسك بالقطع المهشمة وتمنعها من التطاير في كل اتجاه. ويستعمل هذا الزجاج المصفَّح عندما يخشى أن يُحدِث الزجاج المتطاير إصابات خطرة كما يحدث أحيانًا عندما ينكسر زجاج مقدمة السيارات.
الزجاج المقاوم للطلق الناري. زجاج سميك مصنوع من طبقات متعددة مصفحة. ويمكن لهذا الزجاج أن يوقف حتى الطلقات ذات العيار الثقيل التي تطلق من مسافات قريبة. والزجاج المقاوم للطلق الناري ثقيل بحيث يمكنه امتصاص طاقة الرصاصة، كما أن طبقات البلاستيك المتعددة تمسك القطع الصغيرة المتطايرة من الزجاج. ويستعمل هذا الزجاج في الدبابات الحربية والطائرات ولحماية الموظفين الذين يعملون في البنوك.
زجاج الأمان المقوّى. يختلف عن الزجاج المصفَّح في أنه قطعة واحدة عولجت حراريًا بطريقة خاصة، وهي في مظهرها، وملمسها، ووزنها تشبه الزجاج العادي تمامًا. ولكن قد تصل قوتها إلى خمسة أضعاف قوة الزجاج العادي. ويستعمل الزجاج المقوّى بصورة واسعة في الأبواب الزجاجية في المحلات التجارية ولنوافذ السيارات الجانبية والخلفية ولغير ذلك من الأغراض الخاصة. ومن الصعوبة بمكان كسر هذا الزجاج حتى ولو ضرب بمطرقة. وعندما ينكسر فإن قطعة الزجاج بأكملها تنهار وتتحطم وتتهشم في شكل شظايا صغيرة مثلَّمة الأطراف.
زجاج الإنشاءات الملون. يتوافر في ألوان كثيرة، وهو زجاج في شكل ألواح ثقيلة. ويستعمل هذا الزجاج في واجهات المباني الخارجية وللجدران الداخلية، والفواصل وأسطح المناضد العلوية.
زجاج الأُُوبال. لهذا الزجاج جسيمات صغيرة في جسم الزجاج، وتقوم هذه الجسيمات بتشتيت الضوء الذي يمر خلالها؛ وهذا يجعل الزجاج يبدو في لون الحليب. ومن بين العناصر الضرورية المستعملة في صنع هذا الزجاج الفلوريد. ويستخدم هذا الزجاج بكثرة في تركيبات الإنارة والمناضد.
الزجاج الزغوي. عندما يقطع فإنه يبدو وكأنه قرص عسل أسود. وهو مليء بخلايا دقيقة كثيرة من الغاز، وقد أحيطت كل منها وعزلت تمامًا عن الأخريات بجدران رفيعة من الزجاج. والزجاج الزغوي خفيف جدًا فهو يطفو على سطح الماء وكأنه فلين. ويستعمل بكثرة عازلاً للحرارة في المباني وفي صنع أنابيب البخار، وفي المعدات الكيميائية. ويمكن قطع الزجاج الزغوي في أشكال مختلفة باستعمال المنشار.
طوب البناء الزجاجي يصنع من نصفين مجوفين وقد ألصقا بعضهما ببعض في درجة حرارة عالية. ويعتبر طوب البناء الزجاجي عازلاً جيدًا ضد الحرارة أو البرودة بسبب الفراغ المملوء بهواء ساكن بالداخل. ويرص طوب البناء الزجاجي بعضه فوق بعض مثل الطوب وذلك لعمل جدران توفر الخصوصية، ولكنها لا تحجب الضوء.
الزجاج المقاوم للحرارة. به نسبة عالية من السليكا كما أنه يحتوي في العادة على حمض البوريك، ويمكِّن مُعامِل تمدده المنخفض من تحمل تغيرات كبيرة في درجة الحرارة دون أن يتشقق، وهذا أمر مهم في الأجهزة الكيميائية وأواني الطبخ وفي غيرهما من الاستعمالات الصناعية والمنزلية.
الأدوات المعملية الزجاجية. تشمل الكؤوس الكبيرة والدوارق، وأنابيب الاختبار والأجهزة الكيميائية الخاصة. وتصنع هذه الأشياء من زجاج مقاوم للحرارة ليتحمل صدمات درجات الحرارة العنيفة بالإضافة إلى أنه أكثر مقاومة للكيميائيات من الزجاج العادي.
زجاج الاستعمال الكهربائي. للزجاج العادي خواص معينة تجعله مفيدًا في الأعمال الكهربائية. ومن هذه الخواص الشفافية والقدرة على مقاومة الحرارة، ومقاومة سريان التيار الكهربائي والقدرة على الالتصاق والالتحام بقوة بالمعادن دون أن يتشقق. ونظرًا لهذه الخصائص، فإن الزجاج قد استعمل للمصابيح الكهربائية والأنابيب الإلكترونية وأنابيب التلفاز.
الزجاج الموصل للحرارة. للزجاج العادي فائدته كعازل ممتاز للحرارة وليس كموصِّل لها. وعلى كل حال، فإنه يمكن رش الزجاج بطبقة خفيفة غير مرئية من بعض الكيميائيات، وستؤدي هذه الطبقة إلى توصيل كهرباء كافية لتسخين الزجاج بالرغم من أنّ الزجاج نفسه لا يحمل أي تيّار. وهذه الحقيقة تجعل من الممكن صنع سخَّانات طعام كهربائية وأجهزة تدفئة للغرف.
الألياف البصرية الزجاجية. ألياف زجاجية مطلية بمادة خاصة يمكن أن تنثني لنقل الضوء حول الزوايا أو في أماكن أصغر من أن يدخلها المصباح الكهربائي. وتستعمل هذه في التحكم على شاشات اللوحات وبعض أنواع الأدوات الطبية. ويمكن للألياف البصرية النقية جدًا الرفيعة المسماة دليل الموجات البصرية الليفية أن تنقل الإشارات الهاتفية والتلفازية عبر مسافات طويلة. انظر: البصريات الليفية.
الأنابيب الزجاجية. تستعمل لعمل المصابيح المتوهجة والمصابيح الفلورية والأنابيب الإلكترونية ولافتات النيون والمواسير الزجاجية والأجهزة الكيميائية. وتصنع الأنابيب من أنواع مختلفة من الزجاج وبأحجام كثيرة.
الألياف الزجاجية. (فايبر جلاس) تطورت إلى صناعة ضخمة في سائر أنحاء العالم منذ أن ظهرت في الثلاثينيات من القرن العشرين. وكل ليفة إنما هي قضيب من زجاج رقيق إلا أنه صلب، وفي معظم الأحيان، يبلغ سمكه أقل من واحد على عشرين من سمك شعرة الإنسان. ويمكن تعبئة هذه القضبان الدقيقة معًا دون تضييق، في كتلة أشبه بكتل الصوف بغرض العزل الحراري. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه بالإمكان استخدامها كألياف الصوف والقطن لصناعة خيوط غزل زجاجية أو شريط أو قماش أو حصائر. وللألياف الزجاجية استعمالات كثيرة، فهي تستعمل في العزل الكهربائي، وللتنقية الكيميائية ولملابس رجال المطافي. وإذا تم دمجها مع البلاستيك فإن الألياف الزجاجية يمكن استعمالها في صناعة أجسام السيارات. وتعتبر الألياف الزجاجية مادة مرغوبًا فيها لعمل الستائر لأنها غير قابلة للاحتراق كما أنها يمكن غسلها. انظر: الألياف الزجاجية.
الزجاج الماصّ للإشعاع والناقل له. هناك أنواع معينة يمكنها أن تنقل وتعدل وتصد الحرارة والضوء والأشعة السينية وغيرها من أنواع الأشعة. فمثلاً، نجد أن زجاج الأشعة فوق البنفسجية يُدخل الأشعة التي تسبب السمرة للبشرة (وهي أشعة الشمس فوق البنفسجية)، ولكنه يعزل قسمًا من الحرارة. وهناك زجاج آخر ينقل أشعة الحرارة بحرية، ولكنه يسمح بمرور ضوء مرئي قليل. وهناك أيضًا الزجاج البلوري الذي يمنع الضوء اللامع. وهناك الزجاج ذو الاتجاه الواحد وهو مطلي بطريقة خاصة بحيث يمكن للمرء أن يَرى من خلال النافذة دون أن يُرى من الجانب الآخر. انظر: الضوء المستقطب.
زجاج البصريات يستعمل لعدسات النظارات والميكروسكوبات والتلسكوبات وعدسات آلات التصوير وغيرها من الآلات التي يقل استعمالها عمومًا في المصانع والمعامل. ويجب أن تكون المواد الخام نقية حتى يكون الزجاج المستخرج خاليًا من جميع العيوب تقريبًا. إن الاهتمام والحذر الذي يتخذ في صنع الزجاج البصري يجعل هذا الزجاج عالي التكاليف إذا قورن بغيره من الزجاج. انظر:النظارات؛ العدسة ؛ المجهر ؛ التلسكوب .
زجاج الليزر نوع من زجاج البصريات يحتوي على مواد فلورية، وهي تحدث ضوءًا كثيفًا ضيقًا يُسمَّى ضوء الليزر. ويُستعمل زجاج الليزر في أجهزة بحوث التحام الليزر وفي الأجهزة التي تُعَدُّ لمعرفة المدى.
الزجاج غير المرئي يستعمل بصفة رئيسية لعدسات آلات التصوير المطلية والنظارات. وهذا الطلاء غشاء كيميائي خاص يوضع على الزجاج ليقلل من الفقدان العادي للضوء عن طريق الانعكاس. وبهذه الطريقة يسمح بمرور مزيد من الضوء من خلال الزجاج.
الزجاج الحساس للضوء يمكن تعريضه للضوء فوق البنفسجي، كما يمكن تعريضه للحرارة حتى يمكن لأي نموذج أو صورة فوتوغرافية أن يعاد إظهارها داخل جسم الزجاج نفسه. ولما كانت الصورة المطبوعة ستصبح بعد ذلك جزءًا واقعيًا من الزجاج، فإنها ستبقى موجودة طالما بقي الزجاج.
الزجاج الكيميائي الضوئي تركيبة خاصة من الزجاج الحساس للضوء الذي يمكن أن يقطع بالحامض. ويمكن إظهار أي تصميم على الزجاج من قلم فوتوغرافي. وعندما يُغمس الزجاج في الحمض، فإن الأجزاء التي تعرضت للضوء ستتآكل تاركة التصميم في الزجاج بثلاثة أبعاد. وبهذه الطريقة يمكن عمل نماذج الزجاج الشبيهة بالزركشة.
والزجاج الذي يتلون مع الضوء يشوبه التعتيم عندما يتعرض للأشعة فوق البنفسجية، ثم يصبح صافيًا مرة أخرى عند زوال الأشعة. ويستعمل هذا الزجاج في النوافذ، وفي النظارات الشمسية وفي أدوات السيطرة على الأجهزة.